عمل سامي الحاج صحفياُ لدى قناة " الجزيرة" الفضائية، وكان في زيارته لأخيه وأخته في دمشق عندما استدعته القناة لتطلب منه الذهاب في مهمته الثانية خلال فترة عمله معها، وكان الموعد قريباً من 22 سبتمبر2001، أي بعد أقل من أسبوعين على الهجمات التي تعرضت لها الولايات المتحدة في 11 سبتمبر، وطُلب منه تغطية النزاع الدولي في أفغانستان.
وسافر سامي الحاج مع فريق تصوير إلى أفغانستان عبر باكستان، وبعد 18 يوماً من التغطية ، عاد إلى باكستان معتقداً أن المهمة قد انتهت ، وفي ديسمبر/ كانون الأول 2001، طلبت منه الفضائية التلفزيونية العودة إلى أفغاتنستان لتغطية تدشين الحكومة الجديدة فيها ، وقبل أن يتمكن هو وفريقه من الوصول إلى الحدود، أوقفتهم الشرطة الباكستانية، وكان سامي الحاج هو عضو الفريق الوحيد الذي قامت الشرطة باحتجازه .
الاعتقال في باكستان والتسليم إلى القوات الامريكية
احتُجز سامي الحاج في باكستان من 15 ديسمبر 2001 حتى 7 يناير 2002. وصودر جواز سفره منه، كما صودرت فيزا السفر إلى أفغانستان وبطاقته الصحفية ، وفي 7 يناير سُفِّر إلى حجز الولايات المتحدة ونُقل إلى قاعدة باغرام الجوية في أفغانستان ، ووصف سامي الحاج الأيام الستة عشر التي قضاها معتقلاً في قاعدة باغرام الجوية بأنها الأسوأ في حياته ، ويقول انه تعرض لتعذيب جسدي قاس، وإن الكلاب أطلقت عليه ، وإنه احتجز في قفص في عنبر متجمد للطائرات ولم يعط ما يكفيه من الطعام ، وغالباً ما كان هذا طعاماً مجمداً .
ثم نُقل إلى قندهار، حيث استمرت الإساءات، ويضيف سامي الحاج ما يلي :
أنه تعرض للإساءة الجنسية من قبل الجنود الامريكيين ، بما في ذلك تهديده بالاغتصاب ، وأنه أُجبر على البقاء في أوضاع مؤلمة ، حيث أجبر على الركوع لفترات طويلة فوق الأرضية الإسمنتية ، وأنه ضُرب من قبل الحراس بصورة منتظمة ، وأن محتجزيه نتفوا شعر لحيته واحدة واحدة، وأنه لم يُسمح له بالاغتسال لأكثر من 100 يوم ، حتى صار القمل يسرح فوق جسمه .
جحيم غوانتنامو
تم ترحيل سامي الحاج إلى خليج غوانتنامو في 13 يونيو 2002، وكان رأسه طوال الرحلة الجوية محشوراً في قلنسوة ، كما كان مكبلاً ومكمماً ، وإذا ما حدث وراح في غفوة كان الجنود الامريكيين يضربونه على رأسه لإيقاظه .
ويقول سامي الحاج إنه بعد نقله إلى غوانتنامو أُخضع للاستجواب المتواصل حول الصلات التي تربط مَن يعمل لديهم بالمتطرفين الإسلاميين ، ويقول أيضاً أنه حُرم في المرة الأولى التي استجوب فيها في غوانتنامو من النوم لأكثر من يومين قبل بدء التحقيق . وقال: لأكثر من ثلاث سنوات، تركز القسط الأكبر من التحقيق معي على دفعي إلى القول إن ثمة علاقة بين الجزيرة والقاعدة . ويقول أيضاً أنه قد تعرض لطيف من ضروب سوء المعاملة ، كما حُرم من الرعاية الصحية الكافية . حيث مزَّق حراس المعسكر صابونة رجله لكثرة ما داسوا على ساقه، وتعرَّض للضرب على باطن قدميه ، واستخدمت الكلاب البوليسية لترويعه لدى وصوله إلى غوانتانامو، وتعرض للإساءة العنصرية بينما سمح له بوقت أقل خارج الزنزانة بسبب لونه الأسود ، وجرى تكبيله ورشه برذاذ الفلفل ، بحسب ما قال الحاج ، قبل أن يُسمح له بالالتقاء بعملاء الاستخبارات السودانية الذين قدموا إلى غوانتنامو لمقابلته .
بدأ سامي الحاج وسجناء آخرون إضراباً عن الطعام إثر مشاهدتهم تدنيس القرآن في 2003 – حيث قام الجنود الامريكيين ، بكتابة عبارات بذيئة على نسخة من القرآن وقاموا بالدوس عليها ، وكان رد سلطات المعسكر سريعاً ووحشياً ، إذ تعرض سامي الحاج ، للضرب المبرح وألقي به من فوق مجموعة من الأدراج ، أُصيب وجهه بسبب ذلك بكدمات شديدة، حيث قال أحد الأطباء إن وجهه احتاج إلى قطب جراحية، وأجريت هذه له دونما استخدام أي عقار يخفف الألم، ثم وُضع في الحجز الإنفرادي قبل أن يُنقل إلى المعسكر V، وهو أكثر المعسكرات قسوة في مرفق الاعتقال ، حيث بقي هناك لفترة ثمانية أشهر، وخلال وجوده في المعسكر V ، جري تصنيفه أمنياً ضمن المستوى 4، الأمر الذي يكفل له أقسى أشكال المعاملة ، وأدنى مستوى من المنافع .
واضاف أيضاً أنه تعرض من ستة إلى عشرة أيام لوحشية أفراد من قوة الطوارئ ، الذين كانوا ينتزعونه من زنزانته وهم بلباس وتجهيزات مكافحة الشعب كاملة .
ويقول سامي الحاج من معتقله أتمنى العودة إلى السودان لاستئناف حياتي الطبيعية مع عائلتي الغالية علي ، ولم تُبلغ عائلة سامي الحاج باعتقاله أثناء وجوده في باكستان ، ويعتقد أفراد العائلة أن الحكومة السودانية كانت على علم باعتقاله ، بيد أنها لم تتدخل ورفضت إخطار عائلته ، ولم تُبلغ العائلة باعتقال سامي الحاج إلا بعد ما يربو على الشهر من تسليمه إلى سلطات الولايات المتحدة.
ولم تعلم العائلة بترحيله إلى غوانتنامو إلا بعد ستة أشهر من اعتقاله ، حينما تلقت زوجته رسالة منه عبر اللجنة الدولية للصليب الأحمر.
وكانت لجنة حماية الصحفيين قد أكدت بآخر تقرير لها أن الجيش الأميركي يبقي الحاج قيد الاحتجاز على أمل أن يرغمه على أن يصبح جاسوسا ، وسبق لأحد محاميه ، وهو زكاري كانسنلسون، تأكيده أن 95% من التحقيقات التي أجريت مع الحاج تمحورت حول الجزيرة ، وليس على أي عمل قام به سامي ، وقال : إن المحققين أكدوا استعدادهم لسامي لإطلاق سراحه فورا، إذا ما وافق على العودة إلى الجزيرة والتجسس عليها .